هل تنجح مصر في تحريك المياه الرئاسية الراكدة في لبنان على عكس العديد من الموفدين الدوليين الذين فشلوا في خوض غمار هذه التجربة وبالتالي يتم التفاهم على رئيس للجمهورية بعد مرور سنتين ونيّف على الفراغ الرئاسي، أم أن مصير المسعى المصري لن يكون أوفر حظاً من المساعي الدولية التي حصلت في الأشهر الماضية والتي كان آخرها المسعى الفرنسي عن طريق زيارة وزير الخارجية الذي تبيّن أنه لا يحمل مبادرة أو طروحات معيّنة لفك اللغز الرئاسي اللبناني بل اقتصر حضوره على الاستماع واستمزاج الرأي وتسديد النصح للمسؤولين اللبنانيين من باب التحذير من المخاطر المحدقة بالمنطقة؟

لقد تبيّن من الساعات الأولى لوصول وزير خارجية مصر سامح شكري إلى لبنان بأنه لا يحمل مبادرة محدّدة، وهي زيارة كانت مقرّرة في شباط الماضي غير أن الظروف المصرية الداخلية وما يجري في المحيط حملا الدوائر الدبلوماسية في القاهرة إلى إرجاء هذه الزيارة عدّة مرات إلى أن تمّ تثبيت هذا الموعد بالأمس، وستحاول مصر من خلال موفدها الدبلوماسي معرفة مدى إمكانية أن تلعب دوراً ناجحاً في فتح ثغرة ما في جدار الأزمة السياسية اللبنانية.

في تقدير مصدر وزاري كان قد التقى الوزير المصري سامح شكري منذ ما يقارب الأربعة أشهر أن زيارة وزير الخارجية إلى لبنان هي دليل واضح على استقرار مصر في الدرجة الأولى، إذ أنه حينما تتحرك أي دولة على صعيد السياسة الخارجية فهذا يعني أنها مرتاحة لأوضاعها الداخلية، وهذا ما يشجّع على تعليق بعض الأمل على محادثات الوزير شكري في ما خصّ إمكانية النجاح في تقريب المسافات بين اللبنانيين، كما أن هذه الزيارة تعني أيضاً وهذا الأهمّ بأن مصر ما تزال مهتمة بالشأن اللبناني وأنها حريصة على أن يكون دورها مثمراً وإيجابياً على المستويين القريب والمتوسط بالنسبة إلى لبنان.

ويلفت المصدر الوزاري النظر إلى أن الوزير المصري لديه اطلاع واسع على الأوضاع في لبنان كما الشرق الأوسط وهو حاول في لقاءاته خلق أجواء وفاقية بين المكوّنات اللبنانية ودعم الاستقرار اللبناني. فصحيح أن وزير خارجية مصر وبما يمثّله لا يحمل عصاً سحرية لحل الأزمة الرئاسية في لبنان، إلا أنه خلال المشاورات التي أجراها دعا المسؤولين اللبنانيين إلى إدراك المخاطر التي تتهدّد المنطقة وأن يسارعوا إلى انتخاب رئيس للجمهورية، إلا أن التجارب التي حصلت مع موفدين زاروا لبنان ونصحوا المسؤولين النصيحة ذاتها تُظهر بأن الطبقة السياسية في لبنان لا تعي بعد الأخطار المحدقة ببلدهم.

ويُعرب المصدر نفسه عن اعتقاده بأن الهدنة المطلوبة بين المملكة العربية السعودية وإيران ليست متوفّرة حالياً وهو ما يعني أن زيارة الوزير المصري لن تصل إلى حدّ تقريب وجهات النظر بشأن الملف الرئاسي، وهي ستقتصر على تثبيت دور مصر في العالم العربي انطلاقاً من لبنان الذي كان بمثابة المنصة التي وفرت لمصر دورها في الشرق الأوسط.

ويؤكد المصدر الوزاري بأن الإعداد للزيارة ترافق بالتأكيد مع تفاهم مصري - سعودي واتصالات أجرتها الدوائر الدبلوماسية المصرية مع أميركا وفرنسا والفاتيكان حول الوضع اللبناني، وهذا يعني ان الزيارة تتم مواكبتها من مختلف الدول المعنية بالملف اللبناني وهو ما يعطيها بعض الزخم، لكنه في نفس الوقت يدعو إلى عدم تحميل مصر أكثر مما تتحمل في هذه المرحلة فكل دولة لها اوضاعها الخاصة، ويكفي ان مصر ما تزال تؤمن بوجوب التطلع صوب لبنان، هذا بالإضافة إلى ان ما بين مصر ولبنان محاور أخرى منها: التعاون العسكري.

ثانياً: تبادل اليد العاملة.

ثالثاً: التبادل الاقتصادي والتجاري المفتوح بين الدولتين.

ويشدد المصدر على اننا ما نزال بعيدين عن مرحلة غربلة الأسماء حيث ان هناك أسماء أخرى مطروحة من خارج أسماء الأقطاب الموارنة الأربعة الذين كانوا قد اجتمعوا في بكركي، وأن ما يجري إن في الداخل اللبناني على مستوى طاولة الحوار أو من خلال حركة التواصل الإقليمي والدولي بشأن لبنان يُؤكّد بأن الانتخابات الرئاسية ما تزال بعيدة المنال، وأن الفراغ الرئاسي سيمتد حكماً إلى العام 2017.

وفي رأي المصدر انه ما دامت خطوط التواصل مقطوعة بين طهران والرياض فإنه سيكون من الصعب على اللبنانيين التفاهم على رئيس للجمهورية، كون ان هذين البلدين يؤثران بشكل فعلي على الواقع اللبناني، وفي حال اعيد ترميم الجسور بينهما فيصبح بالإمكان انتخاب رئيس في غضون 24 ساعة أو ربما أقل، فمشكلة الرئاسة ليست كلها لبنانية داخلية فالعامل الإقليمي والدولي يلعب دوراً سلبياً في هذا السياق وهذا ما يزيد الطين بلة ويجعل الملف اللبناني معلقاً أكثر من غيره على حبل الأزمات الخارجية المفتوحة.